V.I.P مدير المنتدى
عدد المساهمات : 102 تاريخ التسجيل : 09/08/2010 العمر : 41
| موضوع: من أساليب التربية في القرآن الكريم استعمال المثل والحكمة الجمعة أغسطس 05, 2011 6:48 am | |
| الدكتور عثمان قدري مكانسي
يمتاز المثل بالإيجاز وسرعة دورانه على الألسنة ، فهو يلخص موقفاً أو قصّة ، فإذا مرَّ الإنسان بموقف مشابه أو قصة أو حادثة متشابهتين ، ضرب المثل نفسه للعظة والعبرة . أما الحكمة فهي عصارة الذهن في حكم صائب ، أو نصيحة صادقة ، دون أن تكون تلخيصاً لموقف أو حادثة . . وبهذا يختلط مفهوما المثل والحكمة عند العرب ، في استثمارهما واستعمالهما ليؤدّيا هدفاً واحداً ، يتجلى في الحكم والنصيحة والعبرة . والقرآن الكريم حفل بهما جميعاً ، فكانا أسلوباً راقياً من الأساليب التربوية ، التي استعملها القرآن في الدعوة إلى التقليد وتهذيب النفس ، والاتعاظ وتوضيح المقصد ، وأنواع شتى من الأغراض الإنسانية . فمن الأمثلة على ذلك ، قوله تعالى :
1ـ { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ..(148)}(البقرة) ، يُضرب لمن عرف ما يريد فخطط له ، واتجه لتحقيقه لا يحيد عنه . 2ـ { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ..(179)}(البقرة) ، يضرب لمن كانت عقوبته سبباً في تحقيق المصلحة العامة . 3ـ { كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ..(249)}(البقرة) ، يضرب للدلالة على أن النفع قد يكون من القلّة ، لا من الكثرة . 4ـ { مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)}(البقرة) ، يضرب للحضّ على الخير . 5ـ { ...فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ..(176)}(الأعراف) ، يضرب للخسيس لا فائدة منه . 6ـ { . . وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)}(الأنفال) ، يضرب للتهوين من مكر الخبثاء ، وأن مكرهم مردود عليهم . 7ـ { قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ..(51)}(التوبة) ، يضرب للتسليم بقضاء الله . 8ـ { إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ..( 8 )}(يونس) ، يضرب لمن يقع في شر أعماله . 9ـ { وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ..(53)}(يوسف) ، يضرب للمقرِّ بذنبه المعترف بخطئه . 10ـ { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي . . .(108)}(يوسف) ، يَضرب للدلالة على الوضوح والجلاء . 11ـ { . . . إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ..(11)}(الرعد) ، يضرب لحضّ المتراخين على المبادرة ، وعدم الاعتماد على الآخرين في إنجاز أمورهم . 12ـ { . . . وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)}(النحل) ، يُضرب لمن أوقع نفسه في شرِّ أعماله . 13ـ {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ . . .(84) }(الإسراء) ، يضرب لمن يشي عملُه بحاله . 14ـ {.. وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) }(الإسراء) ، يضرب للدلالة على تفاهة علم الإنسان ، وضآلته كلما رأى جديداً من العلوم الدالة على علم الله الواسع . 15ـ { ..وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا . . . (28)}(النساء) ، يضرب للاعتذار عن خطأ ارتُكِبَ ، أو رغبة لم يستطع صاحبها تنفيذها لضعفه . 16ـ { ..وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)}(طه) ، يضرب لذي الفهم والإدراك يتفقت ذهنه دائماً عن فوائد فيعزو ذلك إلى الله تعالى . 17ـ { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ . . . (56)}(القصص) ، يضرب للسيء تحاول تقويمه فلا تفلح . 18ـ { . . . وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ . . .(41)}(العنكبوت) ، يضرب لبيان الضعف الشديد . 19ـ { . . . وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ . . .(25)}(الأحزاب) ، يضرب لمن وصل إلى هدفه دون عناء . 20ـ { . . . وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) }(فاطر) ، يضرب للدلالة على صدق الخبر وصحته ، ودقته . 21ـ { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى . . .(18) }(فاطر) ، يضرب لحصر المسؤولية بمن فعل . 22ـ { . . . وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ . . (18) }(فاطر) ، يضرب لمن يهتم بصلاح نفسه فينال الخير. 23ـ { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ .. (22)}(فاطر) ، يضرب هذا المثل لانتفاء تساوي المتناقضات . 24ـ { . . . وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) }(فاطر) ، يضرب لليأس ممن لا يعي ولا يعقل . 25ـ { لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61)}(الصافات) ، يضرب للحث على الوصول إلى المرتبة العالية ، والسعي لها بهمة وجلد . 26ـ { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177) }(الصافات) ، يضرب للتهديد والوعيد . 27ـ { ...قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ..(9)...}(الزمر) ، يضرب لبيان الفرق بين الشيئين المتناقضين . 28ـ { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)}(الدخان) يضرب لمن يفقد ، فلا يتأثر لفقده أحد . 29ـ { . . . . وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ...(40)}(الأعراف) ، يضرب للتيئيس ، والاستحالة .
وهكذا فالمثل والحكمة يؤديان دوراً مهماً في التعليق على الحدث وإصدار الحكم ، وإلقاء الضوء عليه ، مما يوضح الفكرة ، ولا يترك مجالاً للإبهام أو الوهم ، ويتركان القارئ على المحجة البيضاء فيرى ما يناسبه للوصول به إلى جنة المأوى ورضوان الله تعالى ، والسعيد من كتب الله تعالى له السعادة فبصّرَه وهداه إلى سبيله . . اللهم اجعلنا من هؤلاء .
| |
|